ثمار المثابرة





الحلقة الخامسة

في العدد الخامس للمبادرة، كان لنا شرف إستقبال أحد أعمدة المجتمع المدني في الجزائر، درب العديد من الجمعيات و الشباب، نجيب بن بوستة مدير مشاريع و صاحب شركة COPDIS

 شارك معنا تجاربه و كان موضوع الحلقة حول أهمية المثابرة في طريق النجاح.



سنوات من العمل الشاق لتصل إلى ما أنت عليه الان، كيف كانت رحلة الطريق؟

إبن مدينة وهران، حيث امضيت سنوات الدراسة هناك، كنت تلميذ جيد لكن مشكلتي تمثلت في أنه على الرغم من أني كنت أجد الحل بطريقة مغايرة تماما عن ما ندرسه، لم تكن نقاطي ممتازة، أول درس لي في الحياة كان أيام الثانوية أين قدم لي أستاذ الفزياء نصيحة من ذهب: قال لي تخيل أنك تود عمل طبق معقودة (و هي أكلت شعبية)، تحتاج العديد من المكونات، على الرغم من أنه إن احضرت لك كل المكونات فأكلتك لن تكون لذيذة مقارنة بالتي تحضرها الأم، لسبب بسيط أنها اتبعت طريقة معينة في طريقة التحضير، كذلك هنا ينطبق المثال، منذ ذلك اليوم أصبحت هذه النصيحة قاعدة أعمل بها "قاعدة معقودة".

اعدت شهادة البكالوريا شعبة رياضيات و لم احصل عليها إلا بعد إعادة توجيهي إلى شعبة العلوم الطبيعية، في الجامعة اعدت سنتي الدراسية الأولى، بحيث لم يكن لي تحفيز حقيقي للدراسة، في ذلك الوقت لم تكن هناك نوادي علمية لأنشط بها، في 2007 قمت بالمسرح كأول نشاط أقوم به خارج الجامعة، هناك تعرفت على جمعية صحة سيدي الهواري (SDH) و هي جمعية معروفة وطنيا، و من ثم كانت البداية الحقيقية فقد أعجبت بنشاطات الجمعية لما تقدمه من مساعدة للشباب و اكتشفت العمل الجمعوي و التطوع، اكتسبت حينها أول فلسفة لي و هي فلسفة الجمعية في هذا المجال و لا زلت أعمل بها و هي "استفد و ساعد المجتمع" .

كانت لي فرصة تعلم أساليب التكوين و قمت بتنشيط العديد من الورشات، هناك استفدت من تكوين في ميدان السمعي البصري، حيث ساعدني هذا التكوين على ولوج عالم الشغل عن طريق مجال السينما، كل هذا و كنت لا أزال طالبا، بعدها تحصلت على ديبلوم علوم الإقتصاد في سنة 2011، و قد ساعدتني ثقافة الجمعية على ذلك فهدفهم تكوين شباب ناجح و الأولوية لهم  بأن يتم ذلك على الصعيد الشخصي. 


بعد نهاية الدراسة الجامعية كان مفترق الطرق؟

اتخذت قرار أني سآخذ أي فرصة تتاح لي على شرط أن أقوم بها على أكمل وجه و بإتقان، حتى اكتشف شغفي، مهما كانت و بجهد كبير حتى و لو كان العمل تطوعي، قناعتي كانت بأن أقوم بتجربة العديد من الأشياء حتى أوسع مجال الفرص التي ستتاح لي في المستقبل، و حتى لو عاد بي الزمان كنت سأنصح نفسي للقيام بالأمر عينه. 

أغتنم هذه الفرصة لقول أن الجميع يستطيع النجاح لكن في مجالات مختلفة، حتى تكتشف ذلك فالبحث و إتباع دورة حول مجال معين غير كاف لتجد إجابة عن ما إذا كان هذا الميدان يليق بك أو لا، عليك بالعمل فيه و التجربة من خلال إعطاء كل ما بوسعك حتى تتيقن ما إذا يمكنك مواصلة العمل فيه أو وجب عليك تغيير المجال.

الجامعة تقدم لك تدريب أكاديمي بحت، لكن التدريب العملي تجده عندما تقوم بالعمل، هذا ما تحتاجه: الخبرة. 

عندما تكمل دراستك الجامعية حتما ستكون مشوش العقل حول ما ستقوم به و مستقبلك المهني، لا تخف، حاول، طور من مهاراتك، هذا ما يهم. 


الكثير يود معرفة كيف أصبحت مدرب؟

لا يوجد مسار واحد لتصبح مدرب، من تجربتي الشخصية خذت العديد من التجارب، اتقنت أولا أساليب الإلقاء و تنظيم الورشات، ثم التخصص في المجال عن طريق البحث و العمل، أقول دوما أن الخبرة تأتي من المعرفة المكتسبة بعد سنوات من العمل و التجارب، لمدة سنة و نصف ضحيت بالحياة الإجتماعية و الشخصية و حتى الصحية حين عملت في مجال تنظيم الأحداث و المظاهرات، كانت تجربة استفدت منها الكثير و ساعدتني على توسيع نطاق معارفي، ثم قمت بدورة تدريب المدربين، من ثم سنحت لي فرصة للعمل في مجال تطوير المشاريع في إطار العمل الجمعوي في ولاية الجزائر.

أقول أن التطوير المستمر و العمل الشاق و تسلسل الأحداث سمح لي بمشاركة خبرتي في إطار التدريب.


أظن أن أحسن مثال مبسط للمثابرة للذين لا يعرفون نجيب يتلخص في كيفية تخلصك من البدانة، حبذ لو تشاركنا قصتك! 

أتذكر أني كنت في جولة سياحية كمرشد سياحي في اطار مشروعي الخاص "TOURISMY"، مشروع ناجح و فخور به قمت بتجسيده مع مجموعة أصدقاء، الشاهد لم يكن جسدي يسعني بحيث تخلفت عن المجموعة التي كنت أقودها بسبب الوزن الزائد، عزمت حينها أن إن أردت تحقيق ما أريد فعلي العمل على أمر شخصي ألا و هو جسدي، ستكون أول قصة للنجاح، توقفت عن كل المشاريع المهنية، و كتبت مشروع "نجيب"، بالتضحية، بالمثابرة و العمل الجاد، الرياضة و التغدية السليمة تخلصت من حوالي 40 كيلوغرام في غضون سنة واحدة.

تذكرت نصيحة أود مشاركتها:"ما تزرعه في العشرينات، ستجنيه في الثلاثينات"

قمت بالعمل بهذه النصيحة، ما تقوم بالتضحية من أجله اليوم، سترى ثماره و سيكون الرضا الذي تكتسبه لسنوات عديدة، خصوصا إذا كنت في العشرينات من عمرك، تسنى لي ملاحظة الفارق في التضحيات من اصدقائي قبل و بعد الثلاثينات، عليك بالتضحية. 


نجيب هل كل ما وصلت إليه كنت قد خططت له من قبل ؟

حقيقة ما همني هو التجربة الشخصية، لا يمكنك بلوغ القمة من دون مساعدة الغير و لوحدك، الجانب المادي لم يك مهما كثيرا و هو كذلك لحد الآن، و لهذا أقول العمل و المثابرة مع التضحية هم أساس بلوغ كل هدف، مهما كان طموحك الذي تصبو اليه ستصل إليه بالشجاعة الكافية على مواجهة الفشل و النهوض بعده مع الإستمرارية في العمل.

انصح دائما بالتخطيط خطوة بخطوة، ضع أهداف بسيطة، من الجميل معرفة الغاية و الهدف الأسمى و لكن التخطيط لهدف على بعد خمس سنوات مثلا صعب للغاية، عليك بإكتساب الثقة و هذه الأخيرة تكتسبها إن كنت تحقق تطورا في طريقك للوصول إلى أهدافك، اعمل بذكاء و بأهداف صغيرة و متقاربة.


جميل، هل يمكنك مشاركتنا تجربتك في الولايات المتحدة الأمريكية؟

الحمد لله من خلال عملي في المجتمع المدني و بنفس عقلية الجمعية SDH أفدت و أستفدت، كانت لي الفرصة للمشاركة في العديد من التظاهرات الدولية، لكن البرنامج الذي شاركت فيه كان مميزا لأنه كان مخصص للجانب المهني، كانت تجربة شخصية فريدة من خلال تعرفي و مشاركة الخبرات مع العديد من الأشخاص الذين يشاركون نفس الشغف و ميدان العمل و لكن في وضعيات مختلفة.

أظن أنك تخلق فرصا لنفسك عندما تعمل في ميدان تحبه لأنك  حتما ستتميز حينما تبذل كل ما عليك و أكثر!


نصيحتك للشباب الجزائري الذي يود العمل في المجتمع المدني؟

ليس كل ما هو جيد للغير يمكن أن يكون جيدا لك، أنت مختلف عن الجميع.

بالنسبة لي من المهم أن نقوم بتطوير أنفسنا خطوة بخطوة، أن تعمل بداية كمتطوع، كفرد من منظمة كجمعية أو نادي علمي، أن تقوم بتنظيم أحداث و مشاريع على مستوى المنظمة التي تعمل بها، التعرف على الميدان أمر مهم قبل أن تقرر العمل فيه بطريقة مهنية، يمكن أن تكون عاملا في جمعية، يجب تصليح العديد من المصطلحات إن اردنا أن نطور من المجتمع المدني، هو ليس عمل كالبقية، يحتاج الكثير من المثابرة و التضحية هذا إن كنت حقا تهتم بما تقوم به، حتى و إن كنت خارج أوقات العمل أو في أيام نهاية الأسبوع ستظل تعمل حتى تنهي مهامك لأنك تبحث عن أثر و مساعدة الغير. 

أول خطوة هي التطوع من قلبك لأنه أفضل سبل التعلم، الدورات التدريبية مهمة و لكن ليست كافية من دون العمل في الميدان و أسهل طريق لذلك يكون عن طريق التطوع في المجال الذي تريد إكتساب خبرة فيه، نحتاج إلى الصبر، لا توجد كلمة مستحيل، هناك أمور سهلة، صعبة، صعبة جدا لكن لا وجود للمستحيل. 

المجتمع المدني؛ و ما يحتويه من منظمات، جمعيات، نوادي علمية، نقابات و شبكات، هي أفضل مدرسة لإكتساب و تطوير المهارات و التحضير لولوج عالم الشغل إن كنت طالبا لا تضيع الفرصة لإكتساب القيم و الخبرات و مختلف أساليب التعامل التي ستعود عليك بالنفع حتما في المستقبل في جميع الجوانب حتى الشخصية منها، بالإضافة لأن تكون عضو فعال في المجتمع، في التغيير الإيجابي و كسب الرضا.


شكرا جزيلا، كلمة أخيرة؟ 

ما يهمني أن تتذكروا بأن تقوموا بوضع أهداف صغيرة و العمل عليها، أن تجدوا الغاية و التحفيز الذي جعلك تسطر ذلك الهدف، إذا كانت الفرص محدودة عليك بالعمل أكثر، فالجهد يخلق لك فرصا جديدة و لا يمكن أن تتعب و لا تنجح، ثق بما تقوم به، أن تعمل بذكاء لا يعني أن لا تعمل بجهد، و لكن تعني متى عليك العمل بجهد.

لا تفقد الأمل، لا تضيع الفرص، إن كنت في العشرينيات من عمرك عليك بالمجازفة، عليك الصبر على الفشل، أن تحاول مرارا و تكرارا، هي أفضل مرحلة للتعلم و الإستثمار في النفس، إن كنت أكبر من ذلك، لا عليك، ما زالت لديك الفرصة، حاول مجددا و كن ذكيا في قراراتك و استفد من التجارب السابقة، كن مثابرا !





إن أكملت قراءة المقال، لا تنسى أن تشاركه أصدقائك 👋😀




Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

بين العلم والعمل

الشغف

معنى الإلهام