معنى الإلهام

 
             


الحلقة الرابعة 

في العدد الرابع من المبادرة كان لي شرف مقابلة حمدي سلامي، شارك معنى خبرته و قصة حياته، بساطته و حكمته كانت لنا الهاما، يستحق أن يكون نموذج يقتدى به من طرف الشباب، و كان هذا أهم ما دار في حوارنا الشيق


يقال أن حكايات الطريق هي الإلهام و ليس النهايات، كيف كانت بداية المشوار؟

أود مشاركة أمر مهم في البداية، الثقة في النفس، أعمل يوميا و باستمرار على تطوير ذلك، لقد كنت تلميذا جيدا حتى السنة الأولى من الثانوية أين اعدت السنة، ثم تكرر ذلك في شهادة البكالوريا و في السنتين الأولى و الثالثة من الجامعة، كان من حولي يقولون لي أني انسان ذكي، و مع ذلك لم أكن أقدر على إجتياز السنوات الدراسية بسهولة، منذ عامين فقط أدركت أني أعاني من عسر القراءة  أو ما يعرف بالديسلكسيا، و لهذا السبب فشلت طوال تلك السنوات. كانت الديسلكسيا تمنعني من فهم المعلومات ومعالجتها كما يفعل الآخرون. لذا في كل خطوة مهمة من مشواري الدراسي، كنت أجد صعوبات على تخطيها لأن في الماضي لم اكتشف ذلك.

لكن التصميم على النجاح و المحيط الجيد هما عملان من أفضل ما يمكنك الحصول عليه و أنت شاب، أتذكر أني في إحدى السنوات في الجامعة وددت أن أتوقف عن الدراسة للعمل  و لكن أذكر أن إحدى أعز اصدقائي قالت لي أن في هذا البلد من دون دبلوم لا يمكنك فعل الكثير و قد كان لذلك أثر كبير لمواصلة مشواري و الحصول على دبلوم في إدارة الأعمال 

في 2009 كانت بدايتي مع السفارة الأمريكية، لقد كنت شغوفا و أحببت العمل الذي كنت أقوم به، الرضا الذي أحسه عندما أقوم بمساعدة الغير جلب لي الكثير على الصعيد النفسي، لهذا كنت أقوم بعملي على أكمل وجه، لتبسيط منظوري حول العمل، أرى نفسي أني كخلية واحدة في عالم يتمثل في جسم الإنسان، كل خلية عليها القيام بعملها ليكون الإنسان صحيح و قويم، لا يمكنك التحكم في البيئة الخارجية، يمكننا التحكم في أنفسنا و أفعالنا فقط و إذا كان المحيط ليس بالذي نتمناه فعلينا بالتكيف و معايشته و العمل على جعله أفضل عن طريق العمل على أنفسنا.



كيف لنا أن نسيطر على أنفسنا و ردود أفعالنا؟

لنفترض أنك تدير مشروع و أحد أعضاء فريقك هو شخص سلبي. في رأيي، بدلاً من الرد على سلوكه وعزله أو فصله ، ما يجب علينا فعله هو فهم لماذا يقوم بمثل هذا التصرف، اكتشف أسباب ذلك، واكتشف ما إذا لم يكن هناك سوء فهم من جانبك، قم بإجراء بحث موضوعي ، حاول طرح أسئلة، تواصل دون تحيز لفهم الموقف جيدًا إذا عثرت على جواب فستتمكن من إيجاد حل وطريقة لتجنب المشكلة في المرة القادمة.

إذا لم يكن الأمر كذلك، قم بتغيير طريقة تفكيرك، و قم بتغيير الطريقة التي ترى بها هذا الشخص حتى لا يؤثر سلوكه عليك و على عملك وعلى الأعضاء الآخرين، ابحث عن طرق مختلفة وابحث عن طريقة للتكيف، ما يهم هو أنت مع نفسك بغض النظر عن الموقف.

التأمل هو شيء اكتشفته مؤخرًا ، يساعد على التخلص من الأفكار السلبية التي تصول و تجول في الذهن، حاول قراءة الكتب حول كيفية التحكم بشكل أفضل في عقلك اللاوعي. هذه أدوات قوية جدًا يمكنك التحكم فيها مع مرور الوقت. ما يهم هو راحة البال عندما تصل المنزل.

افصل عملك عن حياتك، إعمل لتعيش و لا تعش عملك، يجب أن يكون جزءًا من حياتك فقط ، وليس حياتك كلها!



للعديد من السنوات كنت على اتصال حقيقي بالشباب، ورأيت الكثير منهم و على اختلافهم، ما هي الصفات المشتركة بينهم؟

سؤال صعب، لم أسمح لنفسي أبدًا بالتحيز لمترشح قبل معرفة قصته الكاملة أثناء المقابلة. لهذا السبب كنت محايد للغاية عند مقابلتهم لأول مرة.

ثم بعد المقابلات لاحظت أن الأشخاص المتفوقين كانوا الأكثر "مثابرة" مقارنة بالاخرين، بذلوا الكثير من الجهود للوصول إلى تلك المرحلة. أيضا، الثقة والشجاعة عند مواجهة 4 أو 5 أشخاص خلال المقابلات.

بعض من الشباب الذين فشلوا في المرة الأولى أو الثانية عادوا عام بعد ذلك بشكل أفضل واجتازوا المهمة بنجاح.

اللغة الإنجليزية مهمة أيضًا، خاصة وأن بعضهم جاء من خلفيات محرومة للغاية حيث لم تكن اللغة الإنجليزية بهذه الأهمية في مدارسهم، ولكنهم كانوا طموحين للغاية وتعلموا بعزيمتهم و جهودهم الخاصة.

كنت أسأل نفسي (لماذا لم أفعل كل هذا عندما كنت في سنهم ؟؟) كانوا ملهمين !

أقول تكتسبون القوة بالعمل "فالممارسة تكسبك الكمال". كل شي يمكن تعلمه من خلال التجربة، لا شي مستحيل. 

أيضًا، كان العديد من المترشحين اصحاب عزم كبير لإحداث تغيير في البلاد؛ (سأعود بعد التبادل ، وسأحدث تأثيرًا هنا). هنا يكمن الفرق بين الأشخاص الذين أرادوا الذهاب من أجل الرحلة فقط، و الأشخاص الذين أرادوا حقًا فرصة التطوير وإحداث التغيير.



سمعتك يمكن تلخيصها في: "إذا احتاج أي شخص إلى أي مساعدة ، فإن حمدي هو الشخص الذي سيساعدك"

عليك أن تفهم ، كنت أقوم بعملي فقط. يدفعون لي للقيام بذلك. أتذكر أن الناس يشكرونني طوال الوقت ولكن في نهاية اليوم كنت أقوم بعملي على أكمل وجه و فقط.

كنت أقول لهم إن نجاحهم لم يكن نتيجة مساعدتي ، بل كان نتيجة عملهم الشاق وقدراتهم ومهاراتهم، كنت هناك فقط لتشجيعهم.


هناك العديد من الشباب من يرى أن فرص نجاحهم تزيد إذا ما غادروا البلاد، ما تعليقك؟

بالنسبة لي اكتشفت مبكرا أن أوروبا تحتاج الكثير من الإمكانيات للعيش بالطريقة و الرفاهية التي أنا بحاجة إليها، و أكدت ذلك من خلال رحلات العمل إلى أمريكا و غيرها، في الجزائر تعمل لتعيش أما في الغرب فتعيش لتعمل، يمكن قول الكثير لكن هنا الدراسة و الرعاية الصحية مثلا مجانية، هناك العديد من الفرص، كل ما تراه عن أماكن الرفاهية في الغرب هي من أجل الاجانب و ليس من أجل السكان الاصليين فلا يغرنك ما تراه في التلفاز أو مواقع التواصل الإجتماعي.

من وجهة نظر خاصة، تغيير مكان عيشك لن يغير من واقعك، سيغير من مشاكلك فقط، ستترك مشاكلك هنا للذهاب الى بلد أخر أين ستلتقي جملة من المشاكل الأخرى، فمثلا إن كنت تبحث عن ما نزعمه الهناء و راحة البال، ممكن لكن إن يوما احتجت لمساعدة فلن تجد من يساعدك بنفس الحرارة، لن ترى تكتل الناس و روح التقارب و التضامن مثل ما تراه هنا، في الأخير أعيدها و لك حرية الإختيار، ستغير من مشاكلك فقط فعليك إذن أن تضع هذا في الحسبان.

تريد تجنب النميمة؟ يجب معالجة المشكلة من الجذور، شخصيا ساطلب من الذي ينقل لي ما يقوله الاخرين عني بأن لا يقوم بذلك مجددا، الناس لديها الصلاحية التي نعطيها اياهم، فحدد قوة و مدى النفوز الذي تعطيه لاحدهم.

في الأخير أنت في الحياة من أجل أن تهتم بنفسك ثم بغيرك، ففاقد الشيء لا يعطيه، إهتم بنفسك أولا ثم ستستطيع أن تكون منتجا.


ما هي نصيحتك للشباب الناشط في المجتمع المدني؟

من خلال تجربتي، لاحظت أن أحيانا هناك مسابقة في فعل الخير، مسابقة لم يكن عليها أن تكون، لاحظت أيضا أن هناك من يعمل من أجل دوافع شخصية، لا يمكن العمل من دون نية صادقة، لهذا نصيحتي تكون بأنه وجب الترفع عن الغرور و المصالح الشخصية لأن الهدف هو مساعدة الغير، هذا عمل نبيل !

خاصة في الوقت الحالي مع الوباء علينا بالتضامن من أجل هدف سامي واحد يجمعنا و هو توفير ما يحتاجه المحتاج، الإختلاف واجب.

يجب زرع الأمل في أوساط المجتمع كل حسب عقليته، يجب على الشباب الناشط أن يفهم أن الأعمال تنجز بخطوات صغيرة، قال احدهم: "يجب أن تكون البداية بسيطة ثم عليك التقدم بسرعة"، خطوات صغيرة لكن ليست متثاقلة بل سريعة.


ماذا تنصح الشباب الباحث عن العمل؟

أعرف ما تريد عمله، لكن لا التفاصيل المملة فمن الممكن أن تضيع فرص كانت ستكون مواتية لك.

ابقى متصلا بما حولك و بسوق العمل.

أحيانا الغاية تبرر العمل، حاليا ما يهم هو أن تعمل لكسب الرزق و للعيش و ليس بأن تبقى عاطلا حتى تعمل ما تحبه.

كل أمر يحدث لسبب و ستجد ما تبحث عنه لأنه لا جهد يضيع.


أصدق النية، اجتهد، طور نفسك و لا تتحجج..




إن أكملت قراءة المقال، لا تنسى أن تشاركه أصدقائك 👋😀
















Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

بين العلم والعمل

الشغف